النص السماعي الثاني :
الحصة الأولى قبل القراءة :
النص السماعي عبد الرحمن بن خلدون
كان الأطفال يسألونه : يا عبد الرحمن , لماذا تجمع كل هذه الأشياء ؟
رد ابن خلدون : أحاول أن أعرف .
قال أحد الأطفال : كم أنت غريب , بهواياتك هذه
ترى هل كان عبد الرحمن بن خلدون , المولود في مدينة تونس 1322م غريبا فعلا منذ طفولته ؟
لا , لم يكن غريبا,بل ممتلئا بالتساؤلات , وكان كل همه هو إيجاد الأجوبة . فقد اكتشف أن لكل شيء جذوره , وتاريخه , وأنك إذا أردت أن تفهم ذلك الشيء فابحث عن تاريخه. فالنبات , والحيوان , والناس في المهن والبيوت والشوارع , يتصرفون بحسب تاريخ أجدادهم وآبائهم .
اندهش الأطفال, وهم يسمعون زميلهم يتكلم بهذا العمق..فقال أحدهم :
- عبد الرحمن , أنت في الحادية عشرة من عمرك , هل هذه أفكارك ؟
رد الصغير :
- القراءة والمعرفة تزيد من إحساس الإنسان بنفسه .
وبعد ذلك , ذهب الأطفال إلى الشيخ عمران الذي يتولى تعليمهم اللغة , وشرحوا له ما يبدر من زميلهم عبد الرحمن , فقال الشيخ :
- دعوه العباقرة دائما غرباء في الظاهر , لكنهم عقلاء في الواقع .
وعندما سمع عبد الرحمن ما قاله أستاذه عنه , تشجع ومضى في طريقه..
ومرة الأعوام بالصغير عبد الرحمن , وصار شابا يافعا , فقرر أن يرحل مع أسرته إلى القاهرة..ولم تمر سوى أعوام قليلة,حتى كان له شأن كبير بين العلماء , الذين رحبوا به , وطلبوا حضوره , ذات مساء , لإلقاء محاضرة , يختبرون من خلالها علمه..وكم كانت دهشتهم كبيرة , حين وجدوا أنفسهم بحضرة عالم كبير..
قال عبد الرحمن , وقد أصبح ذا مكانة بين علماء عصره :
-أريد أن أقدم للناس مرجعا علميا ضخما .
قرر أن يكتب كتابا علميا مفيدا للناس , يقع في مئات الصفحات , وأن تكون لهذا الكتاب مقدمة طويلة , يشرح فيها أفكاره..وبعد فترة , طلع ابن خلدون على الناس بكتاب ضخم , قدم له بمقدمة , طبقت شهرتها الآفاق : إنها مقدمة ابن خلدون لكتابه الضخم في التاريخ..
تعليقات
إرسال تعليق